عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي، المروزي،أحد الفقهاء الأعلام
كانت أم عبدالله بن المبارك خوارزميةً، وكان أبوه تركيًّا، مولًى لرجل من التجار من بني حنظلة من أهل همَذان، فكان ابن المبارك إذا قدمها أحسَنَ إلى ولد مولاهم.
كنيته: أبو عبدالرحمن.
وُلد عبدالله بن المبارك بمروَ،سنة 118هـ.
رحلة ابن المبارك في طلب العلم:
طلب عبدالله بن المبارك العلم وهو ابن عشرين سنةً، فخرج إلى الحرمين، والشام، ومصر، والعراق، والجزيرة، وخراسان
قال عبدالله بن المبارك: حملت العلم عن أربعة آلاف شيخ، فرويتُ عن ألف شيخ
شيوخ عبدالله بن المبارك:
سمع ابن المبارك من: سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، والجُريري، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وبريد بن عبدالله بن أبي بردة، وخالد الحذَّاء، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالله بن عون، وموسى بن عقبة، وحسين المعلم، وحنظلة السدوسي، وحيوة بن شريح المصري، وكَهْمَس، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وابن جريج، ومعمَر بن راشد، وسفيان الثوري، وشعبة، وابن أبي ذئب، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وعبدالله بن لَهِيعة، وهُشيم، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، وخلق كثير؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 8 صـ 379)
تلاميذ عبدالله بن المبارك:
حدث عنه: معمَر بن راشد، وسفيان الثوري، وأبو إسحاق الفزاري، وطائفة من شيوخه، وبقية بن الوليد، وابن وهب، وابن مهدي، وطائفة من أقرانه، وأبو داود، وعبدالرزاق بن همام، وابن مَعِين، وحبان بن موسى، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن آدم، وعَبْدان بن عثمان، وأبو أسامة، ومسلم بن إبراهيم، والحسن بن الربيع، وأحمد بن منيع، وعلي بن حُجْر، والحسن بن عيسى، والحسن بن عرفة، ويعقوب الدَّوْرقي، وأمم يتعذر إحصاؤهم؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 8 صـ 380).
عبادة عبدالله بن المبارك:
قال نُعيم بن حماد: ما رأيت أعقل من ابن المبارك، ولا أكثَرَ اجتهادًا في العبادة؛
جهاد عبدالله بن المبارك:
قال عَبدة بن سليمان المروزي: كنا سريةً مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفانِ، خرج رجل من العدو، فدعا إلى البِرَاز، فخرج إليه رجل، فقتله، ثم آخر، فقتله، ثم آخر، فقتله، ثم دعا إلى البِرَاز، فخرج إليه رجل، فطارده ساعةً، فطعنه، فقتله، فازدحم إليه الناس، فنظرتُ، فإذا هو عبدالله بن المبارك؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 11 صـ 400).
خِصال عبدالله بن المبارك:
قال الحسن بن عيسى مولى ابن المبارك: اجتمع جماعة مِثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، فقالوا: تعالَوْا نعُد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والفصاحة، والشعر، وقيام الليل، والعبادة، والحج، والغزو، والشجاعة، والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يَعنيه، والإنصاف، وقلة الخلاف على أصحابه؛ (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ 32 صـ: 429).
أدب عبدالله بن المبارك:
قال إسماعيل الخطبي: بلغني عن ابن المبارك: أنه حضر عند حماد بن زيد، فقال أصحاب الحديث لحماد: سَلْ أبا عبدالرحمن أن يحدثنا،فقال: يا أبا عبدالرحمن، تحدثهم، فإنهم قد سألوني؟ قال: سبحان الله! يا أبا إسماعيل، أحدِّث وأنت حاضر،فقال: أقسمت عليك لتفعلن،فقال: خذوا، حدثنا أبو إسماعيل حماد بن زيد، فما حدَّث بحرف إلا عن حماد بن زيد؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 11 صـ 388).
سُئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة، فقال: إنا نُهينا أن نتكلم عند أكابرنا؛ (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ 27 صـ: 64).
قال محمد بن حميد: عطس رجل عند ابن المبارك، فقال له ابن المبارك: أيشٍ يقول الرجل إذا عطس؟ قال: الحمد لله،قال له: يرحمك الله،قال: فعجبنا كلُّنا من حُسن أدبه؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 11 صـ 388).
العلم يرفع منزلة عبدالله بن المبارك:
قال أشعث بن شعبة المصيصي: قدم الخليفة هارونُ الرشيد الرَّقَّةَ، فانجفل الناس خلف ابن المبارك، وتقطعت النعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أم ولدٍ لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قدم، قالت: هذا - والله - المُلك، لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرَط وأعوان؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 11 صـ 388).
اهتمام ابن المبارك بطلبة العلم:
قال حبان بن موسى: عُوتب ابن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان دون بلده، قال: إني أعرف مكان قوم لهم فضلٌ وصدق، طلبوا الحديث فأحسنوا طلبه، لحاجة الناس إليهم احتاجوا، فإن تركناهم، ضاع علمهم، وإن أعنَّاهم، بثُّوا العلم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا أعلم بعد النبوة أفضلَ من بث العلم؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 8 صـ 387).
من أهل مَرْوَ، فيقولون: نصحبك،فيقول: هاتوا نفقاتكم،فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مَرْوَ إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد: ما أمَرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طُرَفها؟ فيقول: كذا وكذا،ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضَوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمَرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا،فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مَرْوَ، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمةً وكساهم، فإذا أكلوا وسُرُّوا، دعا بالصندوق، ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 11 صـ 388).
وفاة عبدالله بن المبارك:
توفي عبدالله بن المبارك (رحمه الله) لعَشْرٍ مضَتْ من شهر رمضان، سنة 181هـ، منصرفًا من الغزو في سبيل الله، ودفن بهيت (قرية على نهر الفرات)، وله ثلاث وستون سنةً.